إطلالة ولمسات على كتاب (أوراق دبلوماسي عراقي -ملاحظات وشهادة -لسفير العراق السابق الأستاذ ابراهيم الولي – شهادة للتاريخ مما وعته الذاكرة “الحلقة الاولى”
الاستاذ الدكتور احمد عبد الله الحَسُّو
كتاب جذبني اليه : بقلم : احمد الحسو \ الحلقة الأولى / إطلالة ولمسات على كتاب (أوراق دبلوماسي عراقي -ملاحظات وشهادة -لسفير العراق السابق الأستاذ ابراهيم الولي – شهادة للتاريخ مما وعته الذاكرة :
اوراق الاستاذ الولي – كما يتضح من قراءتها – ، ليست سيرة حياة وليست ترجمة ذاتية، ولكنها كما جاء على لسان صاحبها :
( استعراض محطات مهمة تستحق الذكر من كل موقع كنته ، وكأني أمرر شريطا طويلا يسجل لتلك الفترة، وهي فترة مهمة جدا من تاريخ العراق الحديث، فتلفت انتباهي خلالها حوادث وشخصيات وكلها ظواهر اجتماعية تستحق أن تذكر وتسجل أوتوصف، وبهذا أرجو أن أكون قد ساهمت في تسليط الضوء على ما يستلفت القارىء المتطلع، العراقي خاصة والعربي عامة منها)
انها شهادة للتاريخ كتبت بموضوعية مطلقة ، ونص يدرك كل من يقرؤه ان قول المؤلف ان شهادته كتبت بلا ( تزويق أو مبالغة أو ممالأة لشخوصه) هو كلام حق ودقيق.
اسمحوا لي ان انقل لكم جانبا مما قاله المؤلف الفاضل عن كتابه: (… وأرجو أن لا أكون قد أسأ ت بدون قصد لأى ممن يرد اسمه في هذا السرد، فليس ما أقدمت عليه غير شهادة للتاريخ مما وعته الذاكرة. وللتاريخ حق كما هو للوطن علينا أن يقول شخوصه، وأنا منهم – كيف وجدوا ما مر بهم أو ما مروا به من أحداث كبرت أم صغرت ففي ذلك اسهام في تسجيل التاريخ أو في جزء من مكوناته .(تتضح اهمية شهادة الاستاذ الولي هذه ، أنها تتعلق بمراحل تاريخية متعددة ومفعمة بالاحداث الكبيرة والمؤثرة ، ابتدأت( في وزارة الخارجية العراقية في ظل أربعة عهود توالت على الحكم في العراق: العهد الملكي الذى انتهى عام 1958، والعهد الجمهورى : أوله بزعامة عبدالكريم قاسم حتى 1963، وثانيه فترة حكم عبدالسلام وعبدالرحمن عارف حتى 1968، والأخير حكم حزب البعث العربي الاشتراكي برئاسة أحمد حسن البكر والنائب صدام حسين لحين مغادرته العمل في الوزارة عام 1978.، وعاصر خلال تلك العهود وزراء خارجية حسب تسلسل استيزارهم كلا من : السادة برهان الدين باش أعيان، وصديق شنشل، وعبدالجبار الجومرد، وهاشم جواد، وطالب شبيب، وصبحي عبدالحميد، وعبدالرحمن البزاز، وعدنان الباجه جي، وعبدالكريم الشيخلي، ومرتضى سعيد عبدالباقي، وشاذل طاقه، وسعدون حمادي ، بعض هؤلاء السادة واخرين غيرهم كالسيدين ناجي طالب و اسماعيل خير الله ’ استوزر لفترة قصيرة لم تمكنه من ترك انطباع في الوزارة.
(ابتدأ أول تعيين له في وزارة الخارجية سنة 1955 موظفا في شعبة الميثاق في الدائرة السياسية. وعند قيام ثورة تموز 1958 وبعد انسحاب العراق من عضوية حلف بغداد وإلغاء شعبة الميثاق تبعا لذلك) نقل الى المكتب الخاص لوزير الخارجية سكرتيرا للوزير ،وبعدها الى جنيف قنصلا وممثلا بالوكالة لدى المكتب الأوروبي للأمم المتحدة هناك ، وبعدها الى اليمن مستشارآ وقائما بالأعمال في صنعاء، وبعدها قام بفتح السفارة العراقية في السويد – ستوكهولم فكان رئيس البعثة بعد نقل السفير منها، ثم نقل الى بغداد رئيس تشريفات رئاسة الجمهورية، ومنها الى يوغسلافيا – بلغراد مستشارا ثم الى ديوان الوزارة مديرا لشعبة المصالح في الدائرة القنصلية ومنها الى الكويت وزيرا مفوضا وبعدها الى فرنسا – باريس ثم الى ديوان الوزارة في بغداد سفيرا ورئيسا للدائرة السياسية وبعدها للدولية الثانية لغاية 1978. وقد نقل بعد ذلك الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية – كعقوبة له فيما يبدو – حيث بقي فيها بضعة أشهر، قبل ان يقدم طلبا للوزير رجاه فيه الموافقة على طلبه بالاحالة الى التقاعد ، وكان آنذاك في التاسعة والأربعين من العمر – وقد تم له ذلك .
في عام 1980 عرضت علي الأمم المتحدة وظيفة أمين سر اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا التي أصبحت فيما بعد اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ESCWA . وقد تسلم هذه الوظيفة في 1981 إذ إنتقلت المنظمة الى بغداد لكنها في النهاية انتقلت الى عمان ثم الى بيروت حيث هي الان. و بقي فيها حتى بلوغه سن التقاعد الحقيقي بالنسبة للأمم المتحدة ولغيرها).
ويجدر بي ان اضع القارئ الكريم ، امام خطة المؤلف في كتابه موضوع البحث كما ورد على لسانه : )بوبت كتابي هذا على اثني عشر فصلا تبدأ منذ دخولي وزارة الخارجية، وقد سبقتها فترة عامين ونيف عملت خلالها في حقل الخدمة الاجتماعية. ويستمر تسلسل فصول الكتاب مواكبا تسلسل الأحداث التي مرت بي في العمل الدبلوماسي منتقلا من مركز الى آخر لغاية عام 1992 حين تقاعدت عن العمل.
وأود أن أبين هنا أن ما في الكتاب من أحداث هو ليس كل ما مرّ بي ، فهناك في الجعبة أكثر من هذا، مما قد تسمح الظروف ببحثه في المستقبل. وأحسب أن ما ذكرت هنا انما يمثل مسحا سريعا لتاريخ العراق الدبلوماسي الحديث، وهو موضوع لم يطرق كثيرا، فكان لزاما على أحد ما التطرق اليه بموضوعية حرصت على الالتزام بها وسيرى القارىء الكريم أني أسرد الأحداث كشاهد متجرد من الغرض كي يستخلص العبر من استقراء تلك الأحداث كما أني جنحت في بعض الفصول الى تسجيل محاولة نقل تجربتي المتواضعة في السلك الدبلوماسي الى زملائي الدبلوماسيين الجدد في بلدى الحبيب العراق، وفي أقطار عربية أخرى فقد يكون في سرد التجارب درس مفيد لمن يريد الاستفادة.)
تلكم لمحة موجزة اقدمها لكم عن كتاب : أوراق دبلوماسي عراقي ، من تأليف الدبلوماسي العراقي ابراهيم الولي ، فهي بحق شهادة صادقة للتاريخ .