سررت جدا بتوجه جامعة الموصل وكلية الآداب فيها،ممثلة برئيس الجامعة الأستاذ الدكتور قصي الأحمدي وبعميد الكلية الدكتور محمد علي محمد عفين، وقسم اللغة الانكليزية، نحو الاهتمام بالبحث الكمي في جانبيه النظري والتطبيقي، فقد القيت يوم أمس ( 17\05\2022م )، في قسم اللغة الانكليزية في كلية الآداب محاضرة، شملت محورين، قدم أولهما الاستاذ الدكتور باسم يحيى جاسم وكانت تحت عنوانQuantitative Data Collection Procedure and Analysisوشمل المحور الثاني : استخدام الإحصاء في البحث التعليمي في تعليم اللغة الإنكليزية بوصفها لغة أجنبية، وكانت تحت عنوان:. Using Statistics in EFL Educational Researchقدمته الدكتورة إيمان ابراهيم خضير ، وقد تولى إدارة الجلسة المدرس الدكتور محفوظ خلف محمود.يأتي هذا الاهتمام بالمنهج الكمي ومحاولات تطبيقه في الدراسات الإنسانية، متزامنا بما انجز في قسم التاريخ بكلية الآداب من رسائل وأطروحات للماجستير والدكتوراه، اعتمدت ذات المنهج، أشرف عليها الأستاذ الدكتور ناصر عبد الرزاق ملا جاسم،كما كان للاستاذ الدكتور جزيل الجومرد قبل ذلك، دوربارز في توجيه من أشرف على أطروحاتهم من طلبته نحو تطبيق المنهج الكمي جاء توجه قسمي التاريخ واللغة الانكليزية هذا، في إطار سياق تاريخي ابتدأ في جامعة الموصل في سبعينات القرن الماضي، متمثلا، بمحاولات جادة ومتواصلة بذلها الاستاذان؛ الدكتور هاشم الملاح والدكتور احمد الحسو لإشاعة ثقافة المنهج الاحصائي والمنهج الكمي وتوجيه طلبتهما في مرحلة الدراسات الأولية والعليا نحو اعتمادها في دراساتهم ورسائلهم وأطروحاتهم ، كما ساهم كل منهما في تطبيق هذا المنهج في دراساتهما . وهنا لابد من الإشارة الى ان لجامعة الموصل قصب السبق في تطبيق هذا المنهج في الدراسات التاريخية،إذ شهد قسم التاريخ فيها، على يد كاتب هذه السطور،أول دراسة تاريخية كمية إحصائية على مستوى بلدان المشرق، قبل قرابة نصف قرن، وانها نالت اهتماما كبيرا ابان عرضها في (المؤتمر الأول لتاريخ المغرب وحضارته) الذي عقد في تونس سنة 1974م . ولقد أتاح عرض هذه التجربة في المؤتمر، الفرصة للاطلاع على تجربة مماثلة قدمها مؤرخ تونسي هو الاستاذ الدكتور المنجي الكعبي، مما أوضح مدى أهمية التعامل مع التاريخ والتراث بموجب قواعد وآليات المنهج الكمي الاحصائي، مما أثمر بقيام حركة كمية واسعة في الساحة الثقافية في المشرق والمغرب وتبلور بعد ذلك بعقود، بقيام مركز الحَسُّو للدراسات الكمية والتراثية الذي تشرف كاتب هذه السطور بتأسيسه في انكلترة سنة 2011 والذي يتولى رئاسته حاليا، وهو اليوم يحقق نجاحات واسعة ويشرف على اطروحات كمية للماجستير والدكتوراه في بلدان عديدة.لقد نبتت بذرة المركز الأولى في جامعة الموصل ثم نضجت في جامعات : وهران ومصراتة ثم في جامعة مؤتة ، بيد ان المركز – مع كل ما حققه – يبقى منفردا ما لم تفتح الجامعات ابوابها مشرعة فتتبناه وتهيء الظروف للأخذ به .ما تهدف اليه كلمتي هذه، ليس مجرد توثيق لما مضى، وذكرَ من بدأ أولا ومن جاء آخرا ، فلمن ابتدأ فضله، ولمن أكمل أو سيكمل فضلان، فما هو مهم أن يتعمق ويتسع استخدام المنهج الكمي في الدراسات الانسانية ، وأن تحقق أمتنا – وهي محاطة بثقافة يختلط فيها العلم بالجهل، والصواب بالخطأ – ما يخرجها من ( مجتمع اللاعلم) الى (مجتمع العلم) انسجاما مع قوله تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم )،فذلك هو الأساس في أية خطوات أخرى نحو إصلاح المجتمع ومؤسساته .تلكم هي رسالتي الى جامعة الموصل؛ اعتزازا بكونها اول جامعة شهدت البذرة الأولى في خلق بيئة كمية إحصائية في المشرق والمغرب، وتطلعا الى مزيد من التبني لفلسفة المنهج الكمي وآلياتها؛ ضمن خطط أقسام ومراكز العلوم الانسانية، فتكون قائدة فيه وله، كما هو العهد بها وبتطلعها نحو ما يخدم الأمةلقد سبقنا العالم في تعامله مع تاريخه وتراثه، تعاملا كميا احصائيا، وفي الاستناد الى نتائجه في تطوير الحاضر ، وتعبيد الطرق نحو المستقبل ، وتأخرت أمتنا عن ذلك، عقود وعقودا . وبعد : كم نحن بحاجة الى خلق بيئة ملائمة لكي نؤدي واجبنا تجاه أمتنا وتجاه ثقافتنا، والى إجراء تغيير في خطط الأقسام العلمية ومناهجنا التدريسية، بما يوفر إضافة كورسات معمقة وتطبيقية لطلبة الدراسات الأولية في علم الإحصاء إضافة الى تدريبهم على استخدام برامج الحزم الاحصائية وبخاصة برنامجSPSS. فذلك يعبد الطريق ويسهل على الطلبة والباحثين على انتاج بحوث ودراسات كمية يكونون قادرين على التعامل معها بشكل علمي سليم.كم نحن بحاجة الى إجراء تغيير في المناهج التي يدرسها الطلبة قبل الالتحاق بالجامعات، بما يضمن مستوى ثقافيا متميزا للطلبة المتوجهين نحو الدراسة الجامعية.اليس من الضروري ان يدرس الطلبة قبل وصولهم الى مقاعد الدراسة الجامعية -اعني في مرحلتي الدراسة المتوسطة والثانوية مادة منهج وأصول البحث يركز فيها على الجانب التطبيقي، اليسوا بحاجة الى دراسةمادة تعنى بالتطور الفكري والفلسفي في مختلف الثقافات . ان التسلح بثقافة منهجية وفكرية – وغض النظر عن التفاق أو الاختلاف مع مضامينها – يساعد الطلبة على استيعاب المتطلبات الجامعية ويمهد الى تفاعل ايجابي معها ، ويمنح الطالب قدرة على استخدام النقدين الظاهري والباطني وتفكيك وتحليل مخرجات الإحصائيات الكمية وبعد فهذه مجرد ملحوظات قابلة للنقاش وللقبول أو الرفض، نقترح إجراء دراسات معمقة عنها ، و عقد ندواتٍ وورشَ عملٍ، تتبناها مراكز البحوث واقسام التاريخ والاجتماع واللغة، لغرض الوصول الى رؤية واضحة ومتكاملة، فاذا ما حصلت استجابة لذلك، فان مركز الحَسُّو للدراسات الكمية والتراثية وكوادره لن يتأخر عن المشاركة فيها والعمل على تحقيق أهدافها .تحية الى جامعة الموصل والى كل أمناء المنهج الكمي في رحابها.*********************************************************************** (ينظر بحث الاستاذ الدكتور هاشم الملاح عن جانب مهم من تجربة بعض أساتذة قسم التاريخ بجامعة الموصل في مجال تطبيق المنهج الكمي في الدراسات التاريخية في سبعينات القرن الماضي، في العدد الاول من مجلة مركز الحسوالصادر في نيسان 2022م )ملحوظة : نشر المقال في منصة النافذة الحرة وسوف ينشر في موقع ومنصات مركز الحسو للدراسات الكمية والتراثية .
- آفاق ومستجدات بحثية
- أ.د سيار الجميل
- اخبار المركز
- الصور
- العدد التجريبي
- بوابة المركز الاعلامية
- تدريبات على آليات المنهج الكمي
- تدريبات على آليات المنهج الكمي
- تراثيات
- تعريف واصدار الكتب
- جديد
- دراسات تاريخية
- دراسات كمية
- رسائل رئيس المركز
- رسائل واطروحات
- فعاليات المركز
- فعاليات خاصة بالمركز
- كلمة
- لقاءات وحوارات
- مجلة المركز
- مخطوطات
- مذكرات معاصرة
- مشاركات مع مؤسسات اكاديمية اخرى
- مقالات
- مقالات أ.د ابراهيم العلاف
- مقالات أ.د فاروق عمر فوزي