اطلالة ولمسات على كتاب : (أوراق دبلوماسي عراقي -ملاحظات وشهادة -)، لسفير العراق السابق الأستاذ ابراهيم الولي “الحلقة الثانية
الاستاذ الدكتور احمد عبد الله الحَسُّو
كتاب جذبني اليه : بقلم : احمد الحسو \ الحلقة الثانية
إطلالة ولمسات على كتاب : (أوراق دبلوماسي عراقي -ملاحظات وشهادة -)، لسفير العراق السابق الأستاذ ابراهيم الولي . تتحدث هذه الحلقة عن مهمة الولي الدبلوماسية في مملكة السويد بعد تعيين السيد حردان التكريتي سفيرا للعراق فيها.
*************************************************
يضم كتاب الاستاذ الولي ذكريات واحداثا دبلوماسية رافقها ورافقته سأختار لقرائنا الافاضل بعض ضفافها – ان صح التعبير – وأنتقل للحديث عن تكليف وزارة الخارجية العراقية له بتأسيس سفارة للعراق في مملكة السويد التي كان للعراق فيها قبل ذلك ، سفارة فخرية يديرها السيد غزالة وهو سويدى من أصل عراقي. لم يكن التكليف مقتصراعلى تنفيذ هذه المهمة، فذلك من ما يفهم من قول السيد وزير الخارجية مخاطبا الاستاذ الولي : (أننا نعتمد عليك في تأسيس هذه السفارة …. وإن مرسوما جمهوريا قد صدر بتعيين السيد حردان عبدالغفار التكريتي سفيرا في السويد… سنعد أوراق إعتماد السفير حردان، وتحملها أنت معك إلى جنيف حيث يوجد السيد حردان وعليك أن تقنعه بقبول هذا المنصب.( عن رحلته ومهمته الدبلوماسية هذه، يقول الاستاذ الولي :
غادرت بغداد تاركا عائلتي متوجها إلى جنيف، للقاء السيد حردان، في طريقي الى ستوكهولم، وجدت الدكتور علي غالب العاني القنصل هناك في انتظارى في مطار كوانتران. ذهبنا سويا الى فندق (دى رون) حيث يقيم السيد حردان، قدمني إليه ،فلم يكن أحدنا يعرف الآخر ، وحجزوا لي غرفة تقابل غرفته في نفس الفندق .
قلت له : أريد أن أحدثك عن مهمتي و اقترح أن ننتقل إلى غرفتك . قلت : إني أحمل أوراق إعتمادك سفيرا فوق العادة ومفوضا لدى مملكة السويد، فماذا ترى؟ قال أنه لا يريد هذه الوظيفة التي يرى فيها إبعادا له عن الحياة السياسية في العراق ،وانتقد بعبارات لاذعة أشخاص الحكم.
قلت له :
أن مركز السفير هو مركز مرموق لا يستهان به، وأنه يليق بك قبوله برضى.
قال :
أني لا أفهم في هذا العمل ولا أعرف كيف أكون سفيرا،
قلت له :
أنا تحت تصرفك وسأفعل كل ما بوسعي لإنجاح مهمتك فأنا ذو خبرة في هذا العمل.
وقلت بعد أن كرر إصراره بالرفض :
سأبين لك بكل صراحة وصدق أن من مصلحتي أن لا تقبل المنصب وأقول لك لماذا ، فأنا دبلوماسي بدرجة مستشار فإن إعتذرت أنت سأكون أنا رئيس البعثة أي القائم بالأعمال، وهذا يعني أنه ستزداد مخصصاتي وراتبي إلى مرة ونصف وستكون سيارة السفير والسائق تحت تصرفي وسأسكن في المقر المخصص للسفير بما فيه من خدم وامتيازات.
أرأيت أن من مصلحتي أن ترفض الوظيفة؟
ومع هذا فإن واجبي الأخلاقي يفرض علي إقناعك بالقبول، وأنا أتعهد على نفسي أن أعاونك في كل ما يتعلق بواجبات هذه الوظيفة.
كان ذلك بعد أربع ساعات من الحديث تخللها عشاء خفيف في الغرفة، وما تركته إلا وقد إقتنع فقال :
ماذا أفعل؟
طلبت منه أن يعلمني بتحركاته في الأسابيع القادمة .. وأن يقتني ثلاثة أنواع من بدل الملابس : الأولى بدلة تشريفة مكونة من سترة طويلة رمادية أو سوداء وبنطلون مقلم رمادي وقميص عادي ورباط رمادي وقفازات رمادية وهذه البدلة تستعمل لمناسبات صباحية morning dress والثانية البدلة الرسمية للحفلات الملكية وهي عبارة عن سترة طويلة مقوسة على الجانبين سوداء أو رمادية وبنطلون أسود ذو شريط لماع على الجانبين وقميص أبيض منشى ذو ياقة مقلوبة فوقه صدرية بيضاء وقبعة سوداء عالية top hat ووردة بيضاء بدل رباط العنق وقفازات بيضاء وتسمى frock أو tails أو white tie والثالثة بدلة سموكن سوداء tuxedo ووردة سوداء على قميص أبيض وهي لحفلات العشاء الأقل أهمية.
التزم السفير حردان بنصائح الولي في تهيئة كل ما هو ضروري للانغمار في الحياة الدبلوماسية في السويد ثم قدم أوراق إعتماده إلى الملك غوستاف السادس أدولف Gustaf VI Adolf ، انقل لكم نص وصف المؤلف لها حيث قال :
قدم السفير أوراق إعتماده الى الملك وكان بمفرده حسب البروتوكول في مقابلة بسيطة تخلو من أى تعقيد، وفي موعد لاحق قابل السفير السيدة أرملة إبن الملك البكر الذى توفي في حادث طائرة وهي والدة الملك الحالي كارل السادس عشر غوستاف Carl XVI Gustaf وكانت تقوم مقام الملكة المتوفاة في اداء المراسم. وقد عاد السفير معجبا بثقافة السيدة الواسعة في الطيران خصوصا وأنه طيار، على أنه أحرج عندما سألته عن هواياته فقال لها الموسيقى فسألته أى المؤلفين الكلاسيك تحب فأجابها كلهم. وعندما كان يحدثني عن تفاصيل المقابلة رجاني أن أوجزه عن الموسيقى الكلاسيك ومؤلفيها وقد فعلت بما أعرف في هذا المجال.
اختتم الولي حديثه عن الحقبة القصيرة التي عمل فيها مع السفير حردان التكريتي ، باعطاء لمحة عن شخصيته فذكر انه لم يستخدم مكتبه الخاص بل أصر على أن يجلس معه في نفس المكتب، وانه – رحمة الله عليه – كان رجلا بسيطا في تصرفاته مع الآخرين، مع شدة عند اللزوم .
بعد بضعة اشهر من تعيين السيد حردان التكريتي سفيرا للعراق في السويد،احيل على التقاعد وغادر مع عائلته في سيارته الخاصة مودعا من طاقم السفارة وفي المقدمة منهم الاستاذ الولي الذي وصل كتاب من وزارة الخارجية العراقية بتعيينه سفيرا للعراق في السويد .
هذه مجرد لمسات ومحاطات في اوراق الولي الدبلوماسية.
ادعكم مع تفصيلات عن ذلك وعن دور الولي الدبلوماسي سفيرا للعراق في مملكة السويد في ثنايا كتابه المشار اليه في صدر هذا المقال.